بوعياش: الاعتداء الجنسي “جريمة شنعاء”

ونشر موقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان مقالا أشار فيه إلى أنه بعد مرور سنتين عن تلك الافتتاحية، نفجع من جديد، ويخيم علينا هول الصدمة والحزن جراء موت مأساوي آخر لطفلة هذه المرة في ربيعها الرابع عشر، ضحية جريمة مركبة، جريمة اغتصاب مقرونة بجريمة صمت عن الاغتصاب وجريمة إجهاض سري غير آمن، إذ إن سنتين لم تكونا كافيتين لسد الثغرات التي ما فتئ المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفعاليات المجتمع المدني يشدد عليها “من أجل أطفالنا” ومن أجل حماية حقوقهم وصيانتها.
وورد ضمن المقال أن الوقائع والأحداث والز-مكان تختلف في كل مرة ترجنا فيها مثل هذه المآسي؛ لكن الضحية واحدة: أطفال مغربنا، واحدة من أكثر الفئات عرضة للاعتداءات الجنسية، وهو ما يتطلب، من وجهة نظر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فعلا حاسما وآنيا للوقوف على جميع جوانب إشكالية الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال، خاصة في ظل أحكام قانونية تظل ملتبسة ومرتبكة وغير استباقية.
وأضاف المصدر ذاته أن واحدة من أبرز الإشكاليات التي لا يتوانى المجلس في التشديد عليها، ومن الضروري التذكير بها، في ظل المأساة الجديدة، تكمن في تعريف “الاغتصاب” نفسه في المنظومة الجنائية الوطنية الحالية، الذي لا يشمل جميع أشكال الاعتداء الجنسي، ومن بينها الاعتداء الجنسي على الأطفال؛ وفقا لما ينص عليه الفصل 486، القانون الجنائي المغربي الاغتصاب يعرف بـ”مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها” ويعاقب عليه، باعتباره جريمة، بالحبس خمس سنوات في الحد الأدنى.
ويصنف القانون الجنائي جميع الحالات الأخرى، بما في ذلك ما يتعلق بأطفال قاصرين، من كلا الجنسين، ضمن حالات “هتك العرض”، التي تعتبر جنحة عندما ترتكب دون عنف، يعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات؛ وتعتبر جريمة في حال كان ارتكابها مقرونا باستخدام العنف، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن القانون الجنائي لا يقدم أي تعريف لمصطلح “هتك العرض”.
وفي هذا الصدد، قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن “حماية الأطفال من جميع أشكال العنف، وعلى رأسها الاعتداءات الجنسية والعنف الجنسي، ليس هدفا ساميا وجديرا بمجتمعنا فحسب؛ بل هو أيضا واجب اتجاه أطفالنا تمليه حقوقهم الأساسية والتزام صريح بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يعد المغرب طرفا في منظومته، والاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة شنعاء، مهما كانت الظروف وكيف ما كانت العلاقة بين الضحية والمغتصب، ويجب العمل على ردعها من منطلق هذا الأساس”.
ومن هذا المنطلق، كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد دعا، في مذكرته حول مشروع القانون 10.16 الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، إلى إعادة تعريف الاغتصاب ليشمل جميع أشكال الاعتداء الجنسي، بغض النظر عن جنس الضحية أو المغتصب أو العلاقة بينهما أو وضعهما. كما أوصى المجلس ذاته بتشديد العقوبات، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال قاصرين أو غير قادرين على التعبير عن الرضا، حتى يتأتى وضع حد للالتباس والإفلات من العقاب اللذين يقترنان عادة بهذه الحالات.
وأشارت آمنة بوعياش إلى أن “اليقين من حتمية المتابعة القضائية الصارمة ومحاربة الإفلات من العقاب يظلان أنجع وسيلة لمحاربة الجريمة، ومن دون رادع حقيقي يفلت كل يوم عدد من مرتكبي جرائم الاغتصاب من العدالة ومن العقاب، بسبب خزي التواطؤ أحيانا أو بعد تراجع والدي الضحية عن الشكاية، مقابل تعويض مالي أو زواج العار، وهكذا يُشترى صمت الضحايا كل يوم بثمن باهظ، ثمن يدفعه ويتحمل تبعاته المجتمع بأسره”.
وأضافت بوعياش أن “حماية الضحايا على النحو الأمثل تقتضي من وجهة نظر المجلس الوطني لحقوق الإنسان الإسراع في تحقيق نقلة حقيقة في براديغم تأويل القانون وتطبيقه، بشكل يسمح، على وجه التحديد، باعتبار الاعتداء الجنسي بمثابة اعتداء على السلامة الجسدية وتشديد العقوبات في حالة الاعتداء على الأطفال وردع مثل هذه الجرائم بشكل لا مجال فيه لأي تراجع أو تنازل أو تواطؤ أو هروب من قبضة العدالة، من أجل أطفالنا ومن أجل مغرب جدير بأطفاله”.
المصدر