مجتمع

تراجع الديمقراطية مغاربيا يقلق نشطاء حقوقيين

قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن البلاد تعرف “استمرار الاستبداد وتنامي وتعمق السلطوية وفرض القيود على الحريات الأساسية، وفي طليعتها حرية الرأي والتعبير، والحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات، والسعي لإغلاق فضاء المواقع الاجتماعية والتحكم فيه عبر الرقابة المتشددة والتنصت، بعدما جرى التحكم وفرض الهيمنة المطلقة على الفضاء العام”.

وفي بيان بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية، أضافت الجمعية أن “اللجوء إلى أساليب القمع” قد صار “معطى قائما ومزمنا، وأضحت المحاكمات المبنية على تهم المس بالمقدسات والمس بهيبة الدولة والمؤسسات وإهانة موظفي الداخلية وازدراء الأديان تنتشر بسرعة في غياب محاكمات عادلة”.

كما تحدثت عن “اتساع دائرة الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”، مع ما ينتج عن ذلك “من مس بالحق في العيش الكريم، وانتشار الغلاء بشكل فاحش، مما يهدد الحق في الغذاء، إضافة إلى الصعود الصاروخي لثمن المحروقات وسيطرة لوبيات عليها، والبروز القوي لتضارب المصالح، وانتشار العطالة والفقر، واتساع الهوة بين الفئات الاجتماعية، وبين المجالين الحضري والقروي، وسوء تدبير الثروة المائية”.

وفي المنطقة المغاربية، رصدت أبرز الجمعيات الحقوقية بالبلاد “انهيارا كبيرا للانتقال الديمقراطي بتونس، التي كانت النموذج الأكثر إشراقا في المنطقة المغاربية بعد حراكات ربيع شعوب المنطقة المغاربية والمشرق”، وهو ما “تفاقم بوضع دستور يُشَرعن للحكم السلطوي الفردي المطلق وفرضه، والتحكم في السلطة القضائية”.

وبالنسبة للجزائر، ذكرت الجمعية أن “النظام بقي وفيا لنهجه القمعي؛ حيث زج بالمئات من نشطاء الحراك المطالبين بالديمقراطية في السجون، وتابع الصحافيين والمعارضين قضائيا”، في وقت “مازالت ليبيا تعيش حالة من الفوضى واللا استقرار، وتنامي الصراعات المسلحة والتدخلات الأجنبية”.

ولفتت إلى أن “العلاقات بين دول المنطقة ظلت مشوبة بالتوتر وباتخاذ القرارات السياسية العدائية، وتغييب المصالح المشتركة لشعوبها”.

دوليا، انتقدت الجمعية “ما تتعامل به الدولة الفرنسية مع الشعوب الإفريقية في إطار استعمار جديد يتخذ من شعار محاربة الإرهاب غطاء له وهدفا للعسكرة والهيمنة”.

جاء هذا في سياق الحديث عمّا لاحظته الهيئة الحقوقية عالميا من “تراجع الديمقراطية وتقلص الفضاء العام، والصعود غير المسبوق للسلطوية، والقمع والتضييق على الحركات المناضلة، وفي طليعتها حركة حقوق الإنسان، وتنامي التيارات اليمينية المتطرفة في العديد من مناطق العالم، وفي طليعتها دول أوروبا الغربية التي تعرف انتكاسة غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان وتصعيدا متزايدا في دعم الأنظمة المستبدة خدمة لمصالحها وضدا على حقوق الشعوب”.

على المستوى الوطني، نادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بـ”إقرار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا، يحترم حق الشعب المغربي في تقرير مصيره على كافة المستويات، ويقر بكونية وشمولية حقوق الإنسان وبسيادة قيمها الإنسانية، وفي مقدمتها المساواة بين الجنسين، والحرية والكرامة والتضامن والعدالة (…) ويحقق الفصل الحقيقي بين السلط ويضمن مبدأ المساءلة الشعبية والقضائية لها، ويفصل بين الدين والدولة”.

كما دعت إلى “التأسيس لجهوية ديمقراطية حقيقية، تراعي المميزات الثقافية والتاريخية بعيدا عن المقاربة التحكمية، ووضع حد للتفاوتات المجالية الصارخة”، مع “الإلغاء الفوري لحالة الطوارئ الصحية ولكل القرارات الإدارية المرافقة لها”، و”التوطيد الفعلي للقضاء كسلطة مستقلة، تشريعا وممارسة، ووضع حد لتغول النيابة العامة التي أصبحت آلية للاستبداد والقمع”.

وطالبت الهيئة الحقوقية ذاتها بـ”إقرار الديمقراطية اللغوية عبر تفعيل الطابع الدستوري للغة الأمازيغية كلغة رسمية، وإدراجها العملي، بدون تأخير، في مختلف مناحي الحياة، ولاسيما في التعليم والإعلام والإدارات العمومية والقضاء”.

وتحدثت الجمعية عن الحاجة إلى “حماية وتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في الحصول على المعلومات، ووقف كل المضايقات ضد نشطاء حقوق الإنسان، والصحافيين والمدونين، والطلبة ومناضلي حركة المعطلين، وجعل حد لأنشطة الرقابة الموجهة ضدهم، وضمان حرية التجمع والتظاهر السلمي، ورفع اليد عن مواقع التواصل الاجتماعي، وحظر كل أشكال التجسس والتصنت على النشطاء والمدافعات والمدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

كما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بـ”إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم نشطاء حراك الريف، والصحافيون المعتقلون، ومناضلو الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين، وكل من هو معتقل أو متابع بسبب التعبير عن رأي معارض أو مستقل، خصوصا الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني، والنشطاء سعيدة العلمي ونور الدين العواج ورضا بن عثمان، وجميع معتقلي الرأي والتعبير”.

وقالت الجمعية إنها تحيي هذا اليوم الدولي “للتأكيد على أن الديمقراطية بمفهومها الشامل مترابطة ومتكاملة مع حقوق الإنسان الكونية ومع التنمية، وبأنها تشكل العمود الأساس للقيم والمبادئ الأساسية للمشترك العالمي”.


المصدر

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى